العالم مصاب بأقوى حمى مناخية منذ بداية السجلات المناخية، هل هناك بوادر للتعافي؟

 العالم يعاني من حمى قوية يحتاج لفترة طويلة نسبيا للتعافي منها

تظهر قراءة محطات الارصاد الجوية حول العالم بالاضافة الى الاقمار الاصطناعية التي تطلق موجات تحت الحمراء " IR" الى ان درجات الحرارة واصلت ارتفاعها غير مسبوق في مختلف مناطق العالم، وسجلت 1.6 مئوية أعلى من معدلها العام العالمي منذ بداية يناير 2016.

وتعتبر هذه الحمى هي اقوى من سابقتها التي حدثت في 1998، كذلك التي حدثت في 2010 ، حيث تعاني المحيطات الضخمة من ارتفاع بدرجات حرارتها السطحية بشكل كبير حتى هذه اللحظة، كما تعاني مختلف مدن العالم من موجات حارة متكررة وارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها العامة.

إن هذه الحمى تصيب ايضا طبقات الغلاف الجوي المنخفضة والمتوسطة والمرتفعة، ولاسباب هذا الارتفاع عديدة، حيث سيتم ذكرها بطريقة علمية.

اظهرت دراسة قمت باعدادها عن حالة النينو القوية في التأثير على الغلاف الجوي والتسبب فعلا بارتفاع درجات الحرارة عبر ارتفاع بنشاط خلية جوية دورانية يطلق عليها خلية " هادلي"  تجدونها هنا.

النينو المسؤول الاول عن التسبب بارتفاع الحرارة:
هذا الموضوع سيبحث فعليا عن سبب ارتفاع الحرارة الحقيقي بأمانة علمية بعيدا عن ما يتكلم به الاعلام او بعيدا عن نظرية الاحتباس الحراري، فدرجات الحرارة من الممكن ان ترتفع طبيعيا  دون تدخل الانسان.

وتسبب النينو ( تعني النينو ارتفاع حرارة مياه خط الاستوائي في المحيط الهادئ) تسبب ارتفاع درجات الحرارة عبر زيادة نشاط ما يطلق عليه خلية هادلي التي تقع بين خطوط عرض 30 جنوبا وشمالا، حيث تعمل قوة التيارات الاستوائية الصاعدة من خط الاستواء في المحيط الهادئ على ردة فعل قوية على نفس خطوط الطول، حيث يحدث هبوطا قويا للهواء هناك، هذا الهبوط يعمل على تسخين النطاقات شبه الاستوائية بشكل ملموس، كما أن الطاقة الحرارية المحسوسة التي تنطلق من التكثف المرتفع بسبب سخونة مياه خط الاستواء تكون كبيرة وتعمل على ارتفاع الحرارة، وخاصة عند هبوطها على جانبي خط الاستواء.

وتظهر الخرائط الجوية كيف ترتفع الحرارة في النطاقات شبه الاستوائية بشكل كبير وينتقل ذلك بشكل تدريجي الى انحاء الغلاف الجوي، المشكلة الاكبر هو انخفاض النشاط القطبي الذي سببه في السنوات الاخيرة ارتفاع درجات الحرارة شمال المحيط الاطلسي، انخفاض النشاط القطبي يعمل على عدم مقدرة وصول الهواء القطبي والبارد نحو العروض المتدنية.

النشاط القطبي ضعيف:
إن تراجع النشاط القطبي في السنوات الاخيرة والاخص منذ منتصف التسعينات الى الان يعود سببه الى ارتفاع درجات الحرارة في شمال المحيط الاطلسي والذي يتزامن غالبا مع سرعة ارتفاع الضغط الجوي في منطقة القطب الشمالي، يسبب ذلك تمدد الهواء القطبي بشكل كبير وانتشاره الى المناطق شبه القطبية، إن ذلك يضعف بشكل هائل تبريد العروض شبه الاستوائية حيث ترتفع درجات الحرارة وخاصة اثناء سنوات النينو، فيعمل ذلك على ضعف التوازن الحراري بين شمال الغلاف الجوي وخط الاستواء، فيحدث خلل في التوازن الحراري، وترتفع درجات الحرارة على جزء عريض جدا من كوكب الارض ينتشر ذلك بسرعة نحو العروض الاعلى تدريجيا، ويؤدي ذلك الى تراجع مستمر بنشاط الخلية القطبية.

وحتى تتوقف هذه العملية يجب ان يحدث نشاط كبير في الخطوط العرض العليا، وخاصة فوق القطب الشمالي، لمقدرة الهواء الباردة بالوصول نحو العروض شبه الاستوائية وتعويض الارتفاع الحراري وعودة التوازن الحراري تدريجيا، كما يجب ان يحدث تراجع في نشاط خلية هادلي التي تسببها النينو.

هل سيبرد العالم؟
من الدراسات على المحيط الهادئ خلال هذه الفترة، فتمر المنطقة الاستوائية بتريد ضعيف نتيجة تعافي حركة الرياح التجارية لكن ليس بالوجه المطلوب، وما زالت منطقة شمال المحيط الاطلسي تعاني بشكل كبير من ارتفاع الحرارة، لذلك لا يتوقع أن يبرد العالم خلال الاشهر القادمة بسرعة، ولو كانت هناك دراسات متفائلة بأن تساهم حالة اللانينا المتوقعة بتبريد الغلاف الجوي قليلا، لكن على حسب القراءات الاخيرة فحالة اللانينا ما زالت تعاني من الضعف المستمر وما زال جزء كبير من المحيط الهادئ ساخنا.

  حالة تاريخية من النينو اثرت على العالم