السبت، سبتمبر 19، 2015

الحمى الاقوى للغلاف الجوي منذ عام 1880




حسن عبدالله- لم يشهد العالم صيفا طويلا وقاسيا وعنيدا مثل هذا الصيف منذ عشرات السنين، فمنذ بداية السجلات المناخية عام 1880، لم نرى درجات حرارة مثل هذه، قياسية وقوية وموجات حارة كانت قاسية يشهدها العالم، ليس ذلك فحسب، فما زالت القارة الاوروبية تشهد موجة حارة قوية بالرغم من دخولنا فصل الخريف، يعني ذلك ان غلافنا الجوي مصاب" بحمى قوية" ، هذه الحمى هي الاقوى منذ عشرات السنين.


فسجلت درجات الحرارة اعلى من معدلها العام في مناطق اليابسة في شمال الكرة الارضية في شهر يوليو بحوالي 1.3 درجة مئوية، وسجلت في المحيطات شمال الكرة الارضية اعلى من معدلها بحوالي 0.7 ( حيث ساهم المحيط الهادئ ذلك بقوة)، وسجلت درجات الحرارة العالمية اعلى من معدلاتها بحدود 0.85 درجة مئوية لتقترب من درجة مئوية واحدة، وتعتبر مثل هذه القيم هي الاقوى تاريخيا منذ بداية السجلات المناخية في عام 1880، انها اقوى حمى يصاب بها الغلاف الجوي.


لوحظ عبر دراسة درجات الحرارة في المحيطات، ارتفاع هائل في درجات الحرارة السطحية للمحيط الهادئ بشكل كامل، وليس المنطقة الاستوائية وحسب، وهذا يعتبر امرا غير اعتياديا ونادرا، وقد يكون المسؤول القوي عن ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة الشمالية من الغلاف الجوي هذا الصيف بشكل قوي، لكن لا يتوقع ان يطال هذا الارتفاع، على الاقل بعض المناطق على المدى البعيد، فهناك تغييرات مهمة ستحصل لاحقا.

وبالنظر الى الموجات الحارة القوية التي ضربت العالم هذا الصيف والتي طالت معظم المناطق والاخص القارة الاوروبية ومن ضمنها فرنسا وايطاليا والمانيا، ووصلت ايضا الى الجزر البريطانية ومناطق واسعة من امريكا الشمالية، كما طالت الكثير من مناطق جنوب غرب القارة الاسيوية والهند، ووصلت الموجات الحارة لتطال كامل مناطق الوطن العربي وايران، وتسبب موجات الحر بوقوع ضحايا كثر، وتجاوز هذا الصيف بقوته صيف 2010 الشهير.

وسجلت الكثير من مدن العالم درجات الحرارة الاعلى تاريخيا منذ بداية السجلات المناخية، كما سجلت درجات الحرارة في المحيطات قيم مرتفعة جدا عن معدلاتها العامة.

ويعود سبب قوة الموجات الحارة هذا الصيف الى حالة قوية من " النينيو" المسؤولة ايضا عن العواصف والاعاصير وتطرفات حالة الطقس الحادة هذا الموسم، والنينيو هي ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها في المنطقة الاستوائية للمحيط الهادئ، وتتكرر الموجات الحارة القوية عادة في هذه الظاهرة المناخية، حيث حصلت موجات مشابهة في عام 2010، وعام 1998.

برودة متوقعة في بعض المناطق الشتاء القادم:
وبالنظر الى توقعات متوسطة وبعيدة المدى والتي قد تمتد الى 12 شهرا منذ الان وبشكل عالمي وعام، لوحظ من خلال النظر الى سنوات المناخية المتشابهة او تصرفها على الاقل، انها تتشابه في حصول تطرفات مناخية حادة وشديدة، فمثلا يلاحظ امكانية حصول موجات برد قوية في اجزاء من شمال المحيط الاطلسي واجزاء من جنوب شرق القارة الاوروبية ووسط البحر الابيض المتوسط واطرافه الشرقية، ربما تطال مناطق عربية خاصة التي تقع بالقرب من وسط البحر الابيض المتوسط، كما يلاحظ امكانية ان تشهد الجزر البريطانية طقسا شديد البرودة هذا الشتاء واجزاء من غرب القارة الاوروبية، ووصولا الى وسط الولايات المتحدة الامريكية.

شمال المحيط الهادئ: عواصف قوية
وهناك احتمالية مرتفعة جدا ان تشهد مناطق شمال المحيط الهادئ كذلك اجزاء واسعة من الاسكا عواصف قوية " اكثر من المعتاد" وبالطبع شديدة البرودة والقساوة.

سيبيريا وجزيرة جرينلاند: اكثر دفئا وجفافا:
ومن الملاحظ ايضا ان هناك مناطق سوف تستمر درجات حرارتها دافئة اكثر من المعتاد، بمعنى ان سلوك الدفء سيستمر هذا الشتاء، وسيكون اقل قساوة وخاصة سيبيريا واجزاء واسعة من روسيا، لكن ذلك سيعكس على هطول ثلجي اقل، ويعني ذلك ان عدد العواصف الشتوية سيكون قليلا بمشيئة الله، في تلك المناطق، ايضا يخشى ان تتسبب درجات الحرارة المرتفعة في تناقص الجليد في جزيرة جرينلاند.

 الغلاف الجوي يعالج نفسه:
  فالغلاف الجوي يواجه درجات الحرارة المرتفعة بطريقته الخاصة، فهو يحاول ان يصل الى مرحلة يحافظ فيها على توازنه وتخفيف حرارته المرتفعة، وذلك عن طريق ارتفاع معدل الاعاصير والعواصف الاستوائية القوية، كما قد تحصل موجات برد شديدة وموجات من السيول، فالظروف الجوية القاسية التي قد يلاحظها البعض هي لمحاولة الوصول الى التوازن والحفاظ على معدل درجة الحرارة في كوكب الارض قدر الامكان.

ساضع المزيد من الدراسات عن سبب الموجات الحارة القوية وعن احتمالية انعكاس ذلك بحدوث موجات برد قوية في بعض المناطق الشتاء القادم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق